معنى سرد قصص البيانات في عالم التخطيط والتحليل المالي (FP&A)

يُعد سرد قصص البيانات مهارة محورية ومميِّزة للتخطيط والتحليل المالي. في عصر التحليلات المتقدمة ولوحات المعلومات الديناميكية والتمثيل المرئي الفعال للبيانات، تطور فن وعلم سرد قصص التخطيط والتحليل المالي إلى حدٍ كبير.

في هذه المدونة، سنستكشف المكونات الأساسية والخطوات العملية المتضمنة في تشكيل قصص أعمال مُقنعة مستندة إلى البيانات. وفي النهاية، سيكون لديك عملية شاملة مكونة من 7 خطوات لتشكيل قصص مؤثرة مستندة إلى البيانات وإلقائها بنجاح.

”ما“ هو سرد القصص الفعال؟

من الضروري أن نحدد بوضوح ما يعنيه أن تكون راويًا رائعًا لقصص التخطيط والتحليل المالي. لديه القدرة على شرح نتائج الأعمال والاتجاهات والتوقعات بطريقة منظمة تُشرك أصحاب المصلحة. ولديه القدرة على تحويل البيانات المالية المعقدة إلى قصة بسيطة وهادفة ومؤثرة.

فكر في سيناريو مع شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا. قد يبدأ متخصص الشؤون المالية بإيضاح إيرادات الشركة ونفقاتها من خلال مخطط واضح وموجز. ويمكنه بعد ذلك حبك قصة حول المشهد التنافسي للشركة الناشئة، وتسليط الضوء على العوامل التي تؤثر في أدائها.

يمكنه القول، على سبيل المثال، "شهدت إيراداتنا نموًا مطردًا في الأشهر الأخيرة، مدفوعة بعمليات إطلاق المنتجات الناجحة وتبني العملاء لها بشكلٍ قوي. ومع ذلك، فإننا نواجه منافسة شديدة من عمالقة الصناعة، وهو ما يتطلب منا اتباع نهج استراتيجي لتعزيز مكانتنا في السوق. وللحفاظ على مسارنا التصاعدي، يتعين علينا التركيز على الابتكار، وسرعة الاستجابة، والكفاءة التشغيلية لنتميز عن الآخرين ونحصل على حصة أكبر في السوق." يوضح هذا المثال على سرد القصص الفعال القدرة على تحويل بيانات الأعمال إلى قصة مُقنعة تُشرك أصحاب المصلحة. ومن خلال عرض قصة منظمة عن نمو الإيرادات والتوسع في السوق، يقدم المحترف لأصحاب المصلحة رؤى قيمة وفهمًا واضحًا للأداء المالي للشركة وتوجهها الاستراتيجي.

"السبب": المشكلة المراد حلها

لماذا يُعد سرد البيانات مهمًا لمهنة الشؤون المالية؟ غالبًا ما يُقدَّم متخصصو التخطيط والتحليل المالي في صورة "المكتب الخلفي" النمطية التي تضعهم غالبًا خلف الكواليس. لكن قدرتهم على أن يصبحوا راواة رائعين للبيانات تساعد في كسر هذه الصورة النمطية التي عفا عليها الزمن وتضعهم في طليعة عالم الأعمال! يعمل سرد القصص الرائع على إشراك أصحاب المصلحة الذين سيرغبون بعد ذلك في طلب مشورة متخصصي التخطيط والتحليل المالي عندما تواجههم قرارات أعمال مهمة.

تنمو البيانات بمعدل أسرع من أي وقت مضى:

وتتزايد أيضًا كمية البيانات التي يمكن للشركات الوصول إليها. ويمثل هذا واحدًا من أكبر التحديات والفرص أمام متخصصي التخطيط والتحليل المالي. ويُعد امتلاك القدرة على استيعاب كميات هائلة من البيانات المعقدة وانتقاء البيانات الأكثر أهمية لقادة الأعمال من المهارات المهمة. وهذا يعني بأن على المتخصصين التخلص من كميات كبيرة من البيانات، وهو ما يمثل تحديًا في كثير من الأحيان. والقدرة على فعل ذلك في أطر زمنية قصيرة وإيجاد أهم البيانات التي تساعد في سرد ​​القصة أمر أساسي.

"الكيفية": عملية سرد قصص مكونة من 7 خطوات

1) ابدأ بالهدف

كان لألبرت أينشتاين عبارة شهيرة وهي إنه إذا كان لديه ساعة لحل مشكلة ما، فإنه سيقضي 55 دقيقة منها في تحديد المشكلة. وهذا النهج صائب إلى حدٍ ما عندما يتعلق الأمر بسرد القصص. فمن الضروري أن تحدد بوضوح المشكلة التي تحاول حلها ثم تستخدم ذلك كبوصلة للعملية بأكملها. ويشمل ذلك توثيق الهدف ومراجعته مع أصحاب المصلحة. وهو يشمل أيضًا فهم طبيعة جمهورك وأن تكون واضحًا بشأن نهجك الذي سوف تتبعه في الحل. ومن الضروري أيضًا الرجوع خطوة إلى الوراء وفهم السياق المحدد والتعرف على أصحاب المصلحة والإطار الزمني والعناصر المهمة الأخرى قبل أن تبدأ في تشكيل القصة.

2) استكشاف البيانات

يوجد مجال آخر مهم بعد تحديد المشكلة، وهو استكشاف البيانات لفترة من الوقت وعدم التسرع في تشكيل القصة والاستنتاجات المرتبطة بها. ويتضمن ذلك وضع نهج منظم لتحليل البيانات. البدء من الأعم ثم التركيز على المجالات التي تتطلب قدرًا أكبر من التحليل والاهتمام. على سبيل المثال، هل الإيرادات هي مجال التركيز الرئيسي؟ أم هو هامش الربح؟

وبمجرد أن تفهم ما تخبرك به البيانات فهمًا واضحًا، من الضروري أن تطبق الأساليب التحليلية. هل تحليل صافي القيمة الحالية هو الأسلوب الأمثل؟ أم أن تحليل الحجم في مقابل المعدل هو الأفضل؟ هل المراجعة التفصيلية لربحية المنتج هي الأنسب؟ ربما يكون الجمع بين مجموعة من الأساليب هو النهج الأفضل. قد تبدو هذه العملية بطيئة في البداية، لكن من المهم أن تتبلور القصة في ذهنك. ولا شك أن التروي في الخطوتين الأولى والثانية سيؤدي في نهاية المطاف إلى تسريع العملية.

3) تأليف القصة باستخدام تخطيط القصة

من المهم في هذه المرحلة كتابة قصة أولية. ولا بد أن يكون نهجا منظما ذا فكرة رئيسية وتركيز واضحين. والفكرة الرئيسية هي موضوع ثابت وموجود في جميع أجزاء القصة.

يجب أن يبدأ النهج العام بالرسالة (الرسائل) الرئيسية والقصة عالية المستوى ثم يتعمق في كل المحتوى الداعم. وهذا مشابه لاستخدام مخطط تفصيلي لتأليف كتاب أو إعداد تقرير. ما هي فصول الكتاب؟ ما هو المحتوى؟ كيف يمكن دمج التحليلات في القصة؟

4) إنشاء المحتوى والتفاصيل الداعمة (باستخدام التمثيل المرئي)

بعد إنشاء المخطط التفصيلي، من المهم البدء في تشكيل المحتوى. وأحد العناصر المهمة للغاية في أي قصة رائعة هو التمثيل المرئي. يمكن للتمثيل المرئي الفعال تحويل الأرقام إلى مرئيات مُقنعة، وهو ما يسهل على أصحاب المصلحة التفاعل مع المعلومات المالية.

وعندما يتعلق الأمر بتقديم البيانات بصورة مرئية، يجب على المتخصصين في الشؤون المالية أن يتذكروا بعض النصائح المهمة. أولاً، من المهم للغاية اختيار نوع التمثيل المرئي المناسب للبيانات المتوفرة، مثل الرسومات أو الجداول أو الرسوم البيانية أو الرسوم المعلوماتية، بناءً على المعلومات التي يتم نقلها. ثانيًا، من الأفضل أن يكون التمثيل المرئي بسيطًا يسهل فهمه، ويتحقق ذلك من خلال تجنب التفاصيل غير الضرورية أو المرئيات المعقدة. وأخيرًا، فإن استخدام الألوان والتصميم على نحوٍ مدروس يمكن أن يجعل التمثيل المرئي أكثر جاذبية. وباتباع هذه الإرشادات، يمكن لمتخصصي الشؤون المالية توصيل البيانات المالية المعقدة بشكل فعال إلى أصحاب المصلحة بطريقة تفعالية واضحة.

---

---

5) كتابة الملخص التنفيذي و"الدعوة للعمل".

تتمثل إحدى الخطوات الأكثر أهمية لأي قصة رائعة تستند إلى البيانات في كتابة الملخص التنفيذي. ومن ضمن الطرق المتبعة في ذلك هو استخدام العناوين الرئيسية لكل عنصر من عناصر القصة بوصفه نقطة بداية، وكتابة ملخصات تنفيذية كنسخ مختصرة من القصة. وعادةً ما يتم وضعها في إحدى الصفحات وهي تروي القصة بأسلوب منظم. ويجب أن تُختتم "بدعوة الشركة للعمل".

6) إضافة التفاصيل الداعمة وإزالة البيانات غير وثيقة الصلة

تساعد عملية بناء الملخص التنفيذي في فهم النقاط التي يتعين على متخصصي الشؤون المالية التعمق فيها. على سبيل المثال، إذا كان هناك تباين كبير في خط أرباح وخسائر أو خط إنتاج واحد، فسيكون من المناسب إجراء تحليلات إضافية وتضمين محتوى إضافي في القصة.

ومن المناسب أيضًا وضع المعلومات غير المهمة في الملحق. تتميز قصص الأعمال الرائعة بأنها تهتم بصلب الموضوع ولا تحتوي على معلومات مشتتة للانتباه أو غير وثيقة الصلة. وفي سياق سرد القصص باستخدام عروض PowerPoint التقديمية، يجب أن تركز كل شريحة بالضبط على رسالة واحدة وعوامل تمثيل مرئي داعمة خالية مما يشتت انتباه الجمهور. وتُعد استراتيجية "الأقل هو الأكثر" واحدًا من الأسرار القوية لرواة القصص الرائعين.

7) التدرب على العرض التقديمي (المحتوى، لغة الجسد، الصوت).

وأخيرًا وليس آخرًا، غالبًا ما نتجاهل التدرب على الأداء اللفظي لسرد القصة ولغة الجسد. ويُعد التدرب عملية مهمة للغاية، فهي تحسن العرض التقديمي وتضمن جاذبيته. والبحث عن شريك مساءلة لنقد قصتك هو أسلوب لا يستخدمه سوى عظماء رواة القصص.